responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 292
أَعْلَمُ رَضِيَهَا لِلْعِبَادَةِ فِي النَّذْرِ الَّذِي نَذَرَتْهُ بِالْإِخْلَاصِ لِلْعِبَادَةِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَمْ يَقْبَلْ قَبْلَهَا أُنْثَى فِي هَذَا الْمَعْنَى
قَوْله تَعَالَى وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا إذَا قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَضَمَّنَ مُؤْنَتَهَا كَمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ
يَعْنِي بِهِ مَنْ يَضْمَنُ مُؤْنَةَ الْيَتِيمِ وَإِذَا قُرِئَ بِالتَّثْقِيلِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَفَّلَهُ إيَّاهَا وَضَمَّنَهُ مُؤْنَتَهَا وَأَمَرَهُ بِالْقِيَامِ بِهَا وَالْقِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَانِ بِأَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى كَفَّلَهُ إيَّاهَا فَتَكَفَّلَ بِهَا
قَوْله تَعَالَى قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً الْهِبَةُ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ وَيَقُولُونَ قَدْ تَوَاهَبُوا الْأَمْرَ بَيْنَهُمْ وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ هِبَةً عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ هِبَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكُ شَيْءٍ وَقَدْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا لَا يَقَعُ فِيهِ تَمْلِيكٌ وَلَكِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُخْلِصَ لَهُ الْوَلَدَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَوِرَاثَتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْعِلْمَ أَطْلَقَ عَلَيْهِ لَفْظَ الْهِبَةِ كَمَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى بَذْلَ النَّفْسِ لِلْجِهَادِ فِي اللَّهِ شِرَاءً بِقَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ هو تَعَالَى مَالِكُ الْجَمِيعِ مِنْ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ قَبْلَ أَنْ جَاهَدُوا وَبَعْدَهُ وَسَمَّى ذَلِكَ شِرَاءً لِمَا وَعَدَهُمْ عَلَيْهِ مِنْ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ وَقَدْ يَقُولُ القائل لِي جِنَايَةَ فُلَانٍ وَلَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ إسْقَاطَ حُكْمِهَا
وقَوْله تَعَالَى وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سمى بيحيى سَيِّدًا وَالسَّيِّدُ هُوَ الَّذِي تَجِبُ طَاعَتُهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ لِلْأَنْصَارِ حِينَ أَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَسَنِ إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ
وَقَالَ لِبَنِي سَلِمَةَ مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلِمَةَ قَالُوا الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ عَلَى بُخْلٍ فِيهِ قَالَ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنْ الْبُخْلِ وَلَكِنْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ
فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى سَيِّدًا وَلَيْسَ السَّيِّدُ هُوَ الْمَالِكُ فَحَسْبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يُقَالَ سَيِّدُ الدَّابَّةِ وَسَيِّدُ الثَّوْبِ كَمَا يُقَالُ سَيِّدُ الْعَبْدِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ وَفْدَ بَنِي عَامِرٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا أَنْتَ سَيِّدُنَا وَذُو الطَّوْلِ عَلَيْنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ تَكَلَّمُوا بِكَلَامِكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِينَكُمْ الشَّيْطَانُ
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ السَّادَةِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَلَكِنَّهُ رَآهُمْ مُتَكَلِّفِينَ لِهَذَا الْقَوْلِ فَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ فَكُرِهَ لَهُمْ تَكَلُّفُ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ التَّصَنُّعِ
وَقَدْ رُوِيَ عن النبي أَنَّهُ قَالَ لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدًا فَإِنَّهُ إنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ هَلَكْتُمْ
فَنَهَى أَنْ يُسَمَّى الْمُنَافِقُ سَيِّدًا لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 292
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست